الخوف من الفشل يعوق تَحقيق الأحلام

الخوف من الفشل يعوق تَحقيق الأحلام

تستعد رولا (42 عاماً) لمقابلة عمل مهمّة، وهي إذا ما نجحت وتميّزت يتحسّن وضعها المهني وتحظى بمركز وراتب أفضل. هي تدور حول نفسها في غرفتها وتقول: "أنا غير قادرة"، "لن أنجح"، "خائفة من الفشل"... وتتزايد ضربات قلبها والخوف يسيطر عليها. أمام أيّ استحقاق جديد يمرّ كثيرون بحالة رولا، ما يهدّد نجاحهم حتى لو كانوا يملكون الكفاءة، لأنّ مفاتيح النجاح تكمن في الثقة بالنفس بالدرجة الأولى، والعائق الوحيد أمام تحقيق الأحلام هو الخوف من الفشل. الخوف من الفشل يعانيه أشخاص يشكّون بقدراتهم، فهم يرسمون لأنفسهم صورة مثالية في أحلامهم يكونون فيها متقدّمين وأوضاعهم مزدهرة، وينتظرون الوقت المناسب لتحقيق هذه الإنجازات على أرض الواقع من دون أن يتخذوا المبادرات ويخوضوا التجارب التي توصلهم إلى أهدافهم.

يسيطر على سلوكهم أسلوب التأجيل، وبحسب المحلل النفسي جاك أريناس فإنّ تأجيل الأمور إلى الغد يُشعر صاحبه بالذنب ويدمّر تقديره لنفسه. أمام أيّ فرصة تجلبها الحياة إلى عقر دارهم، يخافون ويفكّرون بأنهم إذا فشلوا فسيجدون أنفسهم في موقف مُزر.

ويأتي الخوف من الفشل مُرفَقاً بالسلبية والشعور بالعجز وعدم القدرة على النجاح، وبأفكار سوداوية مثل: "أنا غبي جداً لكي أتمكن من الوصول"، "أنا لا أتمتع بمقومات النجاح"، أو يقدمون لأنفسهم أعذاراً تجنّبهم خوض المبادرات، مثل: "لا جدوى من التجربة".

أسباب الخوف من الفشل

تزيد أخطاء الأهل في التربية من خوفِ أبنائهم من الفشل. فأن يثق الإنسان بنفسه عندما لا يشجعه أحد أمر صعب، ولا يمكن للفرد اكتساب الثقة بالنفس عندما ينمو في عائلة تعاني القلق، وتخيفه أمام كل موقف.

على الأهل تشجيع أبنائهم بدل إخافتهم وإسماعهم الكلام المدمّر نفسياً أمام أيّ استحقاق يواجههم. الأهل الذين يعاملون أبناءهم وكأنهم أطفال غير قادرين وتابعين، بدل تعليمهم الاستقلال بذاتهم، ينمّون في داخلهم "العجز المكتسب"، بحسب عالم النفس مارتن سيليكمان، فيُفكِّر الأبناء بأنّ هامش تصرّفهم بمصيرهم غير موجود.

كما أنّ تعرّض الإنسان لفشل كبير سابق يؤثر فيه ويؤلمه، ويدفعه إلى الخوف من فشل مقبل، فيتوقف عن اتخاذ المبادرات، وقد ينتظر بسلبية فرصة تنتشله من واقعه أو حدوث معجزة. ومن أسباب الخوف من الفشل أيضاً عدم الثقة بالنفس وتقدير الذات.

التغلّب على الخوف من الفشل

عقبات كثيرة تقف أمام تطوير الذات، أبرزها صعوبة تحقيق الفرد الأشياء التي يحبها. وبحسب الطبيب النفسي جاك لاكان نحن مبرمجون لإضاعة رغباتنا، واستبدالها برغبات غيرنا.

ويقول: "الناس تشرب كما الإسفنجة انتظارات الآخرين، ومنهم الأهل الذين ينفّذون في حياة أبنائهم طموحات لم يتمكنوا من عيشها"، مثلاً: "إبنتي ستصبح راقصة باليه"، "إبني سيكون طبيباً"... ويستسلم الكثير من الأولاد لتحقيق هذه الأحلام فينسون أحلامهم، ويلاحقهم جرّاء ذلك الشعور بالفراغ، وبعدم تقدير الذات.

ويؤكد الطبيب النفسي الأميركي إريفين يالوم في كتابه "العلاج النفسي الوجودي" أنّ "تقرير شيء يرتبط مباشرة بالتخلي عن شيء آخر". ويدفع ذلك الإنسان إلى التفكير بأنه الوحيد الذي يمكنه التحكّم بعالمه، وأنه وحده المسؤول عن حياته، ما يضعه على سكة بدء اتخاذ القرارات والإنجاز.

وينصح علماء النفس من يعانون الخوف من الفشل بالتخلّص من الأفكار المتحجّرة، مثلاً: "لن أكون سعيداً إلا إذا وجدت الشريك المناسب"، أو "لن تكون حياتي جيدة إلا إذا عملت في هذه المؤسسة وتبوّأت هذا المنصب".

وفي بعض الحالات تكون متابعة الاختصاصي النفسي مفيدة ومطلوبة لتشجيع الشخص على إتمام تطويره لنفسه، واستعادة ثقته بذاتهما يمكّنه من مواجهة المخاطر والتعرض لها من دون الخوف من الفشل.

سابين الحاج - جريدة الجمهورية

  • » Home
  • » News
  • » الخوف من الفشل يعوق تَحقيق الأحلام
SUBSCRIBE TO NEWSLETTERS

Please enter your e-mail address below to subscribe to our newsletter.

Latest Products

more...